المسجد الأقصى.. تاريخ وملامح:
ارتبطت بالمساجد صفات الطهارة والقداسة، وزَيَّنتها خصائص البهاء والجلال، فهي مواطن خُصصت للسجود والركوع والذكر والدعاء، وبقدر طهارة الكلمات التي يرددها الساجد الحق ونقاءِ الجُمل التي ينطق بها الذاكر الحق، صارت الأنفاس في المساجد أنقى منها فيما سواها من الأرض..
لكن المساجد ليست جميعا في قامة المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى؛ فهذه الثلاثة ترتفع رتبتها على غيرها؛ إذ شهدت زرع بذور التوحيد، وثبات الأنبياء والصدّيقين في وجه المِحَن من أجل نشر دين الله في أرضه..
وقد ذُكر المسجد الأقصى في القرآن صراحة وإشارةً ضمن الحديث عن القدس وأرضها المباركة، كما أثنى الفم النبوي على المسجد المبارك، وجعل لزيارته آدابا وأحكاما.
وإذا كنا الآن نطلق اسم "المسجد الأقصى" على الجامع المعروف لدينا في أقصى الجنوب الشرقي من القدس القديمة، ونسمي البناء المقبَّبَ فوق الصخرة المباركة باسم مسجد قبة الصخرة ـ فإن أسلافنا كانوا يسمون أرض الحرم القدسي الشريفِ كلَّها باسم "المسجد الأقصى"، والتي تضم الكثير من الآثار الإسلامية.
والمسجد الأقصى هو أحد البناءات التاريخية العريقة، بناه أول مرة نبي كريم من أنبياء الله تعالى ـ هو أبو الأنبياء إبراهيم أو حفيده يعقوبُ ـ عليهما السلام ـ ثم جدده النبي سليمانُ بعد مئات السنين.
ولم يتيسرْ للمسلمين فتح بيتِ المقدس ومسجدِها الأقصى في زمن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا أن المسجد المبارك شهد أحداثا عظيمة في هذا الزمن، فكان نهايةً لرحلة الإسراء وبدايةً للمعراج، كما ظل قبلة للمسلمين طوال تواجدهم في مكة وسبعة عشر شهرًا بعد الهجرة.
وحين جاء (عمر) بن الخطاب إلى القدس فاتحا مكث هناك أياما، وأقام مسجدًا متواضعا صلى فيه المسلمون زمنا، وجُدِّد المسجد أيام الأمويين في خلافة عبد الملك بن مروان وابنِه الوليد، وبُني وقتَها مسجد آخر لأول مرة فوق الصخرة التي كانت قبلة الأنبياء ..
وتتابعت الدول والأُسَر الحاكمة للقدس، واهتموا بالمسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة اهتماما كبيرا، ومن هؤلاء: العباسيون، والفاطميون، والأيوبيون ـ وعلى رأسهم صلاح الدين ـ والمماليك، والعثمانيون.
وإذا كان المسجد الأقصى قد خضع مع مدينة القدس للسيطرة الصليبية أواخر القرن الخامس الهجري، فإن العصر الحديث قد حمل له احتلالين غربِيَّيْن آخَرَيْن هما: الاحتلال البريطاني سنة 1917م، والاحتلال الصهيوني سنة 1967م.
الجمعة 7 نوفمبر 2008 - 9:44
