القدس في الإسلام والنصرانية واليهودية:
حتى قُبيل مشرق النور ببعثة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان عبدة الأصنام في العالم يَعدون الكعبة وما حولها من زحام الآلهة المصنوعة من الخشب والحجر والمعادن ـ أحدَ معابدهم وهياكلهم الكبرى في العالم.. لكن لما دخل الإسلام مكة وأضاءها وطهرها من الوثنية، صارت المدينة المقدسة أحادية القداسة، أي: توصف بالقداسة من المسلمين وحدهم، وليس هنالك أحد ينازعهم في ذلك، مثلها مثل المدينة المنورة، ومشهد والنجف عند الشيعة، وروما عند الكاثوليك.
أما القدس فقد انفردت في الدنيا بمن ينازع عليها القداسة والتقديس، حتى عدها المسلمون والنصارى واليهود جزءًا من دينهم، وأرضًا لها وضعيّةٌ خاصة لدى كل فريق منهم، فاعتنى بذكر الأرض المقدسة والبقعة المباركة كلٌ من القرآن الكريم، والعهد القديم، والعهد الجديد.
وتضم القدس حتى الآن آثارًا ومعالم دينية تتبع أهل الأديان الثلاثة: المسلمين، والنصارى، واليهود، ويعتمد الكثيرون على هذه الآثار في إثبات أحقيتهم بالمدينة.
والحقيقة أن المدينة المقدسة أتاح الزمنُ لأهل الأديان الثلاثة السيطرةَ عليها، إلا أن سياساتهم نحو الآخرين تفاوتت ما بين السماحة والقسوة، وتباينت من التسامح إلى الشدة والعنف الشديد.