مصر – لمحة تاريخية
وجدت آثار تدل على ان الانسان سكن في مصر في الالف السابع قبل الميلاد وقد سكن الفراعنة مصر منذ الاف السنين ففي حوالي 3100 ق.م وحّد الملك مينس شمال وجنوب مصر وأنشأ عاصمة له هي ممفيس بالقرب من مدينة القاهرة الحالية، اما في حوالي سنة 2600 ق.م فقد ظهرت المملكة القديمة وبدأ بناء الاهرامات ومنها هرم خوفو في الجيزة، وفي حوالي 1400 ق.م وصلت الامبراطورية المصرية عصرها الذهبي في عهد تحتمس الثالث حيث حكمت الشرق الاوسط من سوريا حتى اثيوبيا، وفي حوالي عام 332 ق.م اجتاح الاسكندر الكبير المقدوني مصر وأنشأ مدينة الاسكندرية، وفي حوالي 31 ق.م هاجم الرومان مصر وانتصروا على قوات المصريين الذين كانوا تحت حكم كليوباترا، واصبحت مصر مقاطعة رومانية في السنة التي تلتها وقداستنارت مصر بنور الاسلام عام 18هجري الموافق 639م عندما فتحها القائد عمرو ابن العاص، الذي بنى مدينة الفسطاط بعد عامين من ذلك وفي عام 22هـ-643م فتحت الاسكندرية واعتنق اهلها الاسلام، وفي عصر الخلافة الاموية ثم العباسية كان يحكم مصر والي يعينه الخليفة، وفي عام 273هـ-886م اسس احمد ابن طولون الدولة الطولونية واعترف به الخليفة العباسي سلطاناً على مصر، واصبحت مصر تتمتع بحكم ذاتي، ثم توسعت الدولة الطولونية لتشمل فلسطين وسوريا، وقد حكمت 37 سنة، وبسبب ضعف آخر حكامها وقعت مصر تحت حكم الفاطميين وكان اول هجوم لهم على مصر عام 300هـ-912م، وقد أنشأ الفاطميون دولتهم في تونس ثم توسعت لتشمل شمال افريقيا، واستطاع جوهر الصقلي دخول مصر باسم الخليفة الفاطمي(المعز لدين الله) وكان ذلك في عام 359هـ الموافق 969م، وبنى مدينة القاهرة في نفس السنة، وبني جامع الازهر في عهدهم في سنة970م، وهي اقدم جامعة في العالم، وعندما بدأ الصليبيون بغزو المنطقة وسيطرتهم على سوريا وفلسطين في حوالي عام 1090م طلب الفاطميون المساعدة من نور الدين سلطان حلب، الذي ارسل لهم جيشاً لمساعدتهم في الوقوف امام الصليبيين عام 1168م، وعندما تسلم القائد صلاح الدين الايوبي الحكم رأى ان يوحد صفوف المسلمين في وجه الصليبيين، ومن اجل ذلك كان لا بد من القضاء على الدويلات الصغيرة، وبالفعل قام بالقضاء على دولة الفاطميين عام 567هـ-1171م وأسس الدولة الايوبية، ثم تابع حملته حتى تم تحرير غالبية سوريا وفلسطين من ايدي الصليبيين واستطاع ابن عمه السلطان الكامل الذي حكم في الفترة من سنة 1218-1238م ان يحمي مصر من هجوم الصليبيين ما بين 1218م-1221م، ولكن بعد وفاته ضعفت الدولة الايوبية، الا انها استطاعت وبمساعدة المماليك هزيمة لويس التاسع ملك فرنسا في دمياط، وأخذه اسيراً في المنصورة على يد توران شاه عام 647هجري الموافق 1249م، وما لبث المماليك البحرية ان أسسوا دولتهم في نفس العام، واستطاع احد خلفائهم واسمه بيبرس وقف زحف المغول على سوريا ومصر عام 1260م في موقعة عين جالوت، وتمكن المماليك من صد حملتين اخريين للمغول، واستطاعوا طرد الصليبيين من المنطقة بعد فتحهم لعكا معقل الصليبيين الحصين في فلسطين عام 1291م، وفي القرنين الثالث والرابع عشر توسع المماليك شمالاً حتى وصلوا الى حدود اسيا الصغرى، واستمر حكم المماليك البحرية حتى عام 1382م ثم حكم المماليك البرجية من 1382م الى1517م وكان ابرز مظاهر الدولة هو الاضطراب الداخلي، وغزوات المغول في عهد زعيمهم تيمورلنك، ومضايقات قراصنة الفرنجة في البحر المتوسط والاحمر، وكان من اواخر سلاطينهم قونصوه الغوري، وقد حاول العثمانيون -الذين كانوا قد ظهروا وأسسوا دولتهم- الاتفاق مع السلطان الغوري للوقوف
كتلة امام الخطرين الصفوي والبرتغالي، الا ان الغوري تحالف مع الصفويين وزحف بجيشه شمالاً نحو حلب عام 32هـ/1516م، فتقدم السلطان سليم الاول العثماني اليها وجرت بين الجيشين معركة مرج دابق ، سُحق فيها جيش المماليك، وفي عام 933هـ/1517م تقدم السلطان سليم الى مصر التي اصبح طومان باي سلطاناً عليها، والتقى جيش المماليك مع الجيش العثماني في معركة الريدانية ،وكان النصر حليف العثمانيين ايضاً، الا انه بقي للماليك وجود قوي حتى عام 1798م، حين بدأ الفرنسيون بقيادة نابليون بونابرت بحملته على مصر والشام، الذين ما ان وصلوا مصر حتى احتلوا الاسكندرية ثم تقدمت قواتهم فاحتلت القاهرة بعد ان انتصرت على المماليك في معركة امبابة او الاهرام، فقامت ثورة عاتية على الفرنسيين قادها علماء الازهر وطلابه اظهر فيها الشعب المصري منتهى البسالة والتضحية رغم وسائل القمع الوحشية التي استخدمها الفرنسيون وبعد فشل نابليون في احتلال عكا في فلسطين بسبب دفاع اهلها بقيادة حاكمها احمد باشا الجزار وبسسبب مناعة اسوارها، قرر الرجوع سراً الى فرنسا تاركاً قائده كليبر ليقارع الاتراك والانجليز ويقاوم ثورة المصريين، وقد اغتيل كليبر على يد سليمان الحلبي، وخلفه الجنرال مينو الذي انسحبت في زمنه الحملة من مصر فاشلة عام 1801م حاولت الدولة العثمانية اعادة السيطرة على مصر فعينت ولاة كان آخرهم خورشيد باشا ليعيدوا الامن والاستقرار بمساعدة القوى الالبانية المرابطة في مصر، وخلال ذلك برز محمد علي كضابط شجاع هاجم المماليك سنة 1804م وهزمهم، وتم تعيينه والياً على مصر في عام 1220هـ-1805م وفي سنة 1807م ارسل الانجليز حملة بقيادة فريزر للاستيلاء على مصر بمعونة بعض صنعائهم من المماليك، لكن ابطال مدينة رشيد سحقوا القسم الذي وصل بلادهم من جيش الغزاة وتمكن محمد علي من هزيمة الحملة الانجليزية هزيمة شنيعة وبذلك اسس محمد علي حكم الاسرة العلوية في مصر واعترفت به السلطة العثمانية، ثم تولى الحكم في مصر بعد محمد علي باشا حفيده عباس باشا الذي اهمل شؤون الدولة فخلفه سعيد باشا الذي منح امتياز حفر قناة السويس لصديقه
فرديناند دليسبس الفرنسي عام 1860م، وقد بدأت اعمال الحفر في عهده، ولم تنته الا في عهد خلفه اسماعيل الذي فتح باب الاستدانة من الاجانب فاورث مصر عند وفاته ديناً مقداره نحو عشرة ملايين جنيه، مما دعا الاجانب الى التدخل المباشر في مصر، وخلف الخديوي توفيق اباه الخديوي اسماعيل في حكم مصر حيث ازداد التدخل الاوروبي في عهده، وتطورت الاحداث حتى دخل الانجليز مصر حيث نزلوا عند الاسماعيلية وزحفوا منها نحو القاهرة، والتقوا بقوات احمد عرابي في معركة التل الكبير ودخلوا القاهرة في 14 ايلول1882م واخذت بريطانيا تقمع الحركة الوطنية بمنتهى الشدة متعاونة مع الخديوي وزمرة الخونة من حوله، فحطمت قوة البلاد العسكرية بتسريح الجيش المصري والغاء الاسطول المصري، وأطفأت نور العلم بسيرها على سياسة استعمارية في التعليم بواسطة الاب زويمرالذي عرف باسم دنلوب وعندما دخلت تركيا الحرب العالمية الاولى ضد انجلترا فرضت الاخيرة الحماية على مصر، وعزلت الخديوي عباس حلمي الثاني وعينت مكانه السطان حسين كامل، وكان ضعيف الشخصية، وفي عام 1919م اندلعت ثورة عارمة في مصر مما حدا ببريطانيا الى اعلان استقلال مصر في 28 شباط سنة 1922م، وجعلت فؤاد ملكاً والغت الحماية، ولكن الاستقلال كان اسمياً، وبالرغم من اجراء انتخابات فاز بها حزب الوفد، واضطر الملك فؤاد ان يكلف سعد زغلول بتشكيل الوزارة فشكلها، وفي سنة 1927م توفي سعد زغلول وخلفه في زعامة الوفد مصطفى النحاس وفشلت كل المفاوضات التي جرت بين مصر وبريطانيا لزيادة استقلال مصر، وفي سنة 1936م توفي الملك فؤاد وخلفه فاروق وكان قاصراً فحكم تحت اشراف مجلس وصاية حتى توج سنة1936م اخذت تقوم اضطرابات ومظاهرات دامية ضد سياسة بريطانيا فاضطرت بريطانيا الى قبول مفاوضة مصر، وفي صيف 1936م ابرمت معاهدة يتم بموجبها انسحاب القوات البريطانية من الاراضي المصرية وتتمركز في منطقة قناة السويس، وتتعهد فيها مصر بمساعدة الانكليز بوضع مواصلات البلاد ومواردها تحت تصرفهم في حالة نشوب حرب، وهذا ما حدث بالفعل في الحرب العالمية الثانية من سنة 1939-1945م وبعد انتهاء الحرب ورفض بريطانيا الانسحاب من مصر اعلن النحاس باسم مصر الغاء معاهدة سنة 1936م، وتشكلت جماعات فدائية عمادها الهيئات والجمعيات الدينية، اخذت تهاجم مراكز القوات البريطانية وفي 23 تموز (يوليو) سنة 1952م قام الجيش بانقلاب عسكري سمي ثورة الضباط الاحرار وارغم فاروق على التنازل عن الملك لابنه احمد فؤاد الثاني ولكن الجيش عاد بعد ذلك فأعلن الجمهورية في 18 حزيران سنة 1953م، وعين محمد نجيب رئيساً للجمهورية، وفي نيسان من عام 1954م تولى عبد الناصر رئاسة الوزراء، وفي تشرين الثاني (نوفمبر) تم عزل نجيب من السلطة واستلم عبد الناصر السلطة وقد تم انتخابه في تموز 1956م رئيساً للجمهورية وفي 19 تشرين اول سنة 1954 تم توقيع اتفاقية الجلاء وتم سحب القوات البريطانية من مصر، وفي 26 تموز سنة 1956م أعلنت مصر تأميم شركة قناة السويس، لكن بريطانيا وفرنسا غضبت لهذا الاجراء وامدتا اسرائيل بقوات كبيرة، ودفعتاها الى مهاجمة سيناء في يوم 30 تشرين اول سنة 1956م، وهاجمت قواتهما البرية والبحرية والجوية سواحل مصر والقناة هجوماً عنيفاً مدة عشرة ايام، فتصدى لها الجيش المصري بالتعاون مع الشعب المصري ازداد التقارب بين مصر وسوريا بعد العدوان الثلاثي على مصر، فتم الاتفاق على اعلان وحدة مصر وسوريا في الجمهورية العربية المتحدة في 21 شباط سنة 1958م، الا انه حدث انقلاب في سوريا ادى الى انفصالها عن مصر في 28 ايلول (سبتمبر) سنة 1961م وفي عام 1962م تدخلت مصر عسكريا في الحرب الاهلية في اليمن مما كلفها ثمناً باهظاً في الارواح والاموال وترك البلاد ضعيفة، وفي الخامس من حزيران 1967م شنت اسرائيل حربا وبدأت عدواناً عسكريا واسعاً ضد الدول العربية المجاورة لها، واحتلت نتيجتها الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان وتوفي عبد الناصر عام 1970م فجأة، وخلفه نائبه انور السادات الذي قام بهجوم على اسرائيل بالتعاون مع سوريا وبعض الدول العربية الاخرى في 6 تشرين الاول 1973م، ومهّد بهذا الهجوم لعملية السلام التي بدأها بزيارة للكنيست الاسرائيلي ثم مفاوضات مع رئيس وزراء اسرائيل مناحيم بيغن برعاية الرئيس الامريكي جيمي كارتر في كامب ديفيد عام 1978، وفي 26 آذار (مارس) 1979م تم توقيع معاهدة كامب ديفيد، التي رفضها غالبية العرب، وتم طرد مصر من الجامعة العربية بسبب صلحها مع اسرائيل، التي اعادت شبه جزيرة سيناء الى مصر بموجب الاتفاقية، وفي يوم 6 تشرين اول اكتوبر 1981م وأثناء حضوره لاحتفال في ذكرى حرب 1973م، قام احد افراد الجيش ويسمى خالد الاسلامبولي باغتياله تولى حسني مبارك رئاسة الجمهورية خلفاً للسادات، وأعيدت مصر الى جامعة الدول العربية، ولا زال الرئيس حسني مبارك رئيساً للجمهورية حتى يومنا هذا