الأردن - لمحة تاريخية
للملكة الاردنية الهاشمية عمق تاريخي قديم، وموقع مهم في الحضارات السابقة القديمة، وتدل الابحاث الاخيرة ان الانسان قد سكن منذ العصر الحجري على ضاف نهر الاردن قبل حوالي نصف مليون سنة، وفي حوالي عام 8.000 ق.م أنشئت بعض القرى والبيوت، وفي بداية العصر البرونزي، حوالي عام 3200 ق.م بدأت الحياة الحضرية على شكل مدن صغيرة وبسبب موقع الاردن بين حضارة المصريين في الغرب، وحضارة ما بين النهرين في الشرق، اصبح الاردن ممراً هاماً، وفي العصر الحديدي، وخلال الالف الاولى قبل الميلاد نشأت حضارات صغيرة في الاردن، في جنوب الاردن، والمآبيون سكنوا وسط البلاد، والعموريون كانت عاصمتهم في حسبان جنوبي عمّان، وغيرها من الحضارات اما العرب الانباط فقد أنشأوا مملكتهم جنوبي الاردن بين 400-160 ق.م وعاصمتهم المدينة المحصنة البتراء، ولكنها وقعت تحت حكم الرومان ما بين 63 ق.م الى 324م، وأنشأوا مدناً هامة في الاردن منها فلادلفيا (عمّان اليوم)، ام قيس، وجرش بدأ العهد البيزنطي في الفترة 324م-632م في الادرن، وكانوا يتاجرون بالمحاصيل الزارعية والماشية مع المسافرين العابرين من الاردن التي تصل الصين، الهند وجنوب الجزيرة العربية بمصر، سوريا وحضارات حول البحر المتوسط وعندما بزغ فجر الاسلام، وصل نور الاسلام الى الاردن، وكان اول وجود للاسلام فيها كان عندما أسلم فروة بن عمر بن النافرة الجذامي، حيث وفد فروة عامل الروم على فلسطين وما حولها، وعلى من يليه من العرب، وكتب باسلامه، فطلبه الروم وحبسوه ثم قتلوه، وقد حدثت على ارض الاردن معركة مؤتة سنة 08هـ/629م، ثم جاء الفتح الاسلامي بعد معركة اليرموك سنة 15هـ/ 636م، وقد كانت الاردن جزءاً من بلاد الشام، ثم معركة فحل عام 17هـ/638م التي وقعت في غور الاردن وانتصر فيها المسلموم على الروم، ودخلت الاردن تحت حكم الامويين، ثم العباسيين، وعندما غزا الصليبيون المنطقة وقعت اجزاء من الاردن تحت حكمهم، وبعد انتصار السلطان صلاح الدين الايوبي على جيوش الصليبيين في معركة حطين عام 583هـ/1187م، اصبح الاردن تحت حكم صلاح الدين وما بين 1517م-1918م كانت الاردن تحت حكم العثمانيين، وبعد غدر البريطانيين والفرنسيين للحسين بن علي الذي اعلن الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين، احتلت فرنسا جميع سوريا، وسعت بريطانيا الى فرض انتدابها على الاردن ليكون صلة الوصل بين مناطق احتلالها في فلسطين والعراق، فتحرك الامير عبد الله بن الحسين بن علي من الحجاز، فوصل مدينة معان في 21 تشرين الثاني سنة 1920م على رأس قوة يريد بها الانتقام من الفرنسيين، فأسرع تشرشل وكان وزيراً للحربية في بريطانيا، وعقد مؤتمراً في القاهرة في آذار سنة 1921م، اشترك فيه السياسيون والعسكريون، وقرر وجوب ارضاء الملك فيصل والامير عبد الله، فاختار الاول ملكاً على العراق، والثاني اميراً على الاردن، وبقبول الامير لهذا المنصب توقفت حركاته العسكرية لغزو سوريا، وهكذا عمل الانجليز على اطلاق يد الفرنسيين في سوريا مقابل اطلاق ايديهم في فلسطين والاردن والعراق، وبذلك أمّنت بريطانيا مواصلاتها البرية مع الخليج العربي استقبل العرب في الاردن الامير عبد الله استقبالاً حماسياً، وفي نيسان 1921م أسس الامير حكومة لامارته، ثم ذهب مع رئيس وزرائه رضا باشا الركابي الى لندن في تشرين الاول سنة 1923م، اللذين قيدوا الامارة بمعاهدة سنة 1923م، وبموجبها فرض الانتداب على الامارة، وعينت بريطانيا لها معتمداً في عمان للاشراف على الادارة، ونالت حق اقامة قاعدتين جويتين في عمان وزيزياء، وغضب السكان من هذه القيود، فحدثت ثورة في آب 1924م، شملت جميع البلاد حتى الحدود السورية، ثم عقدت معاهدة جديدة في القدس في 20 شباط سنة 1928م، وعيّن الانجليز ثلاثة منهم في الوزارة والرقابة على المالية، فتلاشت سلطة الامير، وعقد شيوخ القبائل ووجهاء المدن مؤتمرأ في عمان في تموز 1928م، فاحتجوا على المعاهدة وطالبوا بتشكيل برلمان ينتخب انتخاباً حراً ليمثل الشعب امام الحكومة، واسفرت هذه المطالبة عن اقامة مجلس تشريعي في كانون الثاني سنة 1929م ظلت الحالة كذلك والتدخل الانجليزي شديد ومباشر في الامارة حتى نشوب الحرب العالمية الثانية، فوقف العرب الى جانب الحلفاء في الحرب على امل ان يستكملوا استقلالهم بعد نشوب الحرب، ولما أنشئت الجامعة العربية سنة 1945م اصبحت امارة شرقي الاردن عضواً فيها، على الرغم من انها كانت لا تزال تحت الانتداب البريطاني ، وفي ربيع سنة 1946م ، وقّع الامير مع بريطانيا معاهدة جديدة الغت الانتداب على الاردن، ولكنها اشترطت بقاء قوات صغيرة بريطانية في المراكز الاستراتيجية، وتبادل المساعدات العسكرية عند تعرض قوات احدى الدولتين لهجوم قوة ثالثة، وفي 25 ايار سنة 1946م نودي بالامير ملكاً للمملكة الاردنية الهاشمية واحتفلت الاردن بعيد استقلالها اشتركت الاردن مع دول الجامعة في حرب فلسطين عام 1948م، واجتمع فريق من سكان الضفة الغربية في اريحا في كانون الاول سنة 1948م، وقرر مبايعة الملك عبد الله، وقبل الملك بضم الضفة الغربية الى مملكته، واجريت انتخابات نيابية في الضفتين، واجتمع اول برلمان في 24 نيسان سنة 1950م، واقر توحيد الضفتين، وفي تموز سنة 1951م اغتيل الملك عبد الله في القدس فنودي بنجله الامير نايف وصياً على العرش بسبب تغيب ولي العهد عن المملكة للاستشفاء، وانتهت وصايته في 15 ايلول وتولى العرش الملك طلال، وسّر به الشعب لما اتصف به من اخلاص وجرأة، ولكن وطأة المرض اشتدت عليه، فحالت بينه بين قيامه بمهام الدولة، فاجتمع البرلمان في دورة استثنائية في آب سنة 1952م، وقرر اعفاءه من مهام الملك والمناداة بولي العهد الحسين بن طلال، ولما كان صغيراً عيّن مجلس وصاية من ثلاثة اعضاء للقيام بأعماله وفي 2 أيار سنة 1953م بلغ الملك حسين الثامنة عشرة، فاحتلفت المملكة بتوليه سلطته الدستورية، الذي قام بتطهير الجيش الاردني من النفوذ الاجنبي في الاول من آذار سنة 1956م، ووّقع في 14 آذار سنة 1957م مع بريطانيا مراسيم انهاء المعاهدة، وتم جلاء القوات البريطانية في 6 تموز سنة 1957م، وفي 14 شباط 1958م اعلن عن قيام الاتحاد العربي بين العراق والاردن على ان يكون رئيسه ملك العراق، وينوب عنه أثناء غيابه ملك الاردن، ولكن لم يستمر الاتحاد طويلاً، ففي 14 تموز 1958م حدث انقلاب دموي بقيادة عبد الكريم قاسم في العراق اودى بحياة الملك فيصل الثاني والكثيرين غيره وفي 5 حزيران سنة 1967م، حدثت حرب حزيران بين العرب واليهود، واسفرت عن احتلال اسرائيل للضفة الغربية، وغيرها من الاراضي العربية، وفي ايلول 1970م حدثت اضطرابات كادت تتحول الى حرب اهلية بين الحكومة وقوات منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تنطلق من قواعد لها في الاردن للهجوم
على اسرائيل، وقد قتل عدد كبير من الفلسطينيين في هذه الاحداث، واستمرت الاحداث في عام 1971م وكان رئيس الوزراء الاردني وقتها وصفي التل الذي اغتيل في 28 تشرين الثاني 1971م في القاهرة على يد اعضاء في منظمة ايلول الاسود الفلسطينية وفي 6 تشرين اول (اكتوبر) سنة 1973م وعندما اندلعت الحرب بين مصر وسوريا من جهة واسرائيل من جهة أخرى ساهمت الاردن في دعم القوات السورية في منطقة الجولان، وفي عام 1974م اعترفت الاردن بان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وفي عام 1978م استنكر الملك حسين اتفاقية كامب ديفيد بين مصر واسرائيل ودعم العراق في حربه مع ايران في عام 1980. وفي كانون ثاني 1984م عقد البرلمان الاردني اول جلساته خلال عشر سنوات وفي آذار جرت انتخابات برلمانية محدودة، وفي تموز عام 1988م، أعلن الاردن عن فك الارتباط بين الضفتين الشرقية والغربية، واجرى انتخابات برلمانية في تشرين 1989م، وبعد الاجتياح العراقي للكويت في آب 1990م حاول الملك ان يلعب دوراً وسطاً بين الطرفين، وقد تأثر الاردن كثيراً من جراء العقوبات وفرض الحصار على العراق، حيث عاد عدد كبير من الاردنيين الى بلادهم مما رفع نسبة البطالة الى 30%، وشارك وفد اردني فلسطيني مشترك في مؤتمر دولي لمباحثات السلام في الشرق الاوسط عقد في اسبانيا في شهر تشرين الاول (اكتوبر) 1991م، وفي نفس السنة رفع الملك حسين حظراً عن تشكيل الاحزاب السياسية، مما مهد لاجراء انتخابات برلمانية في عام 1993م وفي تشرين اول (اكتوبر) 1994م وقّع الاردن معاهدة سلام مع اسرائيل ووقعها رئيس وزراء الاردن د. عبد السلام المجالي ورئيس وزراء اسرائيل اسحاق رابين