الجزائر - لمحة تاريخية
اول من سكن ما يعرف اليوم بالجزائر هم البربر، وقد دلت الرسومات الكهفية في منطقة احجار على ان هؤلاء القوم عاشوا في الفترة الواقعة بين 6500 ق.م و 1200 ق.م وكانوا يربون البقر و يعتمدون على الصيد وفي حوالي 1100 ق.م أنشأ الفنيقيون القادمون من شرق البحر المتوسط دولة في شمال افريقيا في قرطاج (تونس)، وخلال الحروب بين قرطاج وروما وما في القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد أنشأ البربر المتحالفون مع الرومان اول مملكة جزائرية، والتي ما لبثت روما ان بسطت سيطرتها عليها، الا ان الرومان انسحبوا بعد ذلك من المنطقة ليدافعوا عن منطقة أخرى وذلك في القرن الثالث الميلادي مما أعطى نوعاً من الاستقلال للمنطقة . وفي القرن الخامس الميلادي اجتاحت قبائل المانية المنطقة، الذين تم طردهم على يد البيزنطيين بعد قرن من الزمان وبعد ظهور الاسلام في الجزيرة العربية، وفي سنة 50هـ/670 م فتح عقبة بن نافع الجزائر مع فتحه للشمال الافريقي، ودخل البربر سكانها الاصليون في الاسلام، واصبحت احدى مقاطعات الخلافة الاموية في
دمشق في عهد الخليفة الاموي الاول معاوية ابن ابي سفيان وفي عام 183هـ/799م قام ابراهيم ابن الاغلب بتأسيس دولة الاغالبة في افريقيا وجعل الحكم وراثياً، وأنشأ مدينة العباسية واتخذها عاصمة له، وفي العام التالي اعترف الخليفة العباسي هارون الرشيد بدولة الاغالبة حكاما باسمه على البلاد وفي عام 362هـ/973م تمكن الفاطميون من القضاء على دولة الاغالبة واستقلوا بالجزائر وفي عام 448هـ/1056 م قامت دولة المرابطين من قبيلة لمتونة وهي قبيلة بربرية احدى قبائل صنهاجة، ومؤسس تلك الدولة هو يحيى بن ابراهيم الجدالي، واشهر ملوكها يوسف بن تاشفين الذي اسس مدينة مراكش واتخذها عاصمة له، واستمرت هذه الدولة حتى عام 540هـ/1145م، حينما قامت دولة الموحدين بزعامة محمد بن تومرت بعد ان سقطت دولة المرابطين . وفي عام 761هـ /1359م حكم ملوك بني زيادة الجزائر واستمر حكمهم حتى عام 960هـ/ 1553م حين قام الاميرال البحري التركي ( بار باروسا) بضم الجزائر الى الخلافة العثمانية، وجعلها احد ولاياتها، ومنذ ذلك الحين سميت الجزائر، الا ان الجزائر وبسبب بعدها عن عاصمة الخلافة العثمانية القسطنطينية، فقد حكمت نفسها حكمهاً ذاتياً، فشكلت الجيوش وبنت الاساطيل حاولت فرنسا الاستعاضة عما فقدته من مستعمرات في امريكا والهند على اثر نزاعها مع انجلتر فطمعت بشمال افريقيا لقربه منها ولثروته الطبيعية الوافرة، وفي سنة 1830م ارسلت فرنسا 600 قطعة من اساطيلها البحرية من مرسيليا الى الجزائر، وانزلت اكثر من ثلاثين الف جندي على البر الجزائري واحتلت ارضاً منه وبدأت بالتوغل في البلاد رغم المقاومة الباسلة غير المتكافئة في القوى والاعداد، مما اجبر الوالي التركي الداي حسين على الاستسلام وفي عام 1251هـ/1835م قام الامير عبد القادر الجزائري - وهو سليل اسرة المرابطين - بالثورة ضد الفرنسيين وكان يبلغ من العمر22 عاماً، وكان عالماً من علماء الاسلام، فاتخذ بلدة مسكرة قاعدة له، واعلن الجهاد ضد الفرنسيين، وهزم عدة حملات فرنسية، وقد اضطر الفرنسيون الى عقد صلح تفنا معه في ايار 1837م الا ان الفرنسيين نقضوا الصلح، فتقدم الامير بقواته حتى اقتربت من مدينة الجزائر، فخشي الفرنسيون العاقبة وقذفوا معظم قواتهم في المعركة، فهزموا الامير سنة 1840م، ولاحقوه غرباً حتى احتلوا عاصمته سنة 1841م، وطاردوا الامير مدة طويلة كان الامير خلالها يواصل جهاده ويهاجم الاعداء حتى طوقته الجيوش الفرنسية، واضطرته الى الاستسلام في كانون الاول سنة 1847م، بعد ان استنفذ كل قواه، فارسل الى فرنسا، ثم سمحوا له بالذهاب الى دمشق حيث قضى بقية حياته، وفي سنة 1848م أعلنت فرنسا ان الجزائر فرنسية الا ان شعلة الثورة لم تنطفئ ابداً، حيث قام المرابط بومعزة عام 1362هـ/1845م بالثورة، كما قام الزعيم مقراني باشا آغا، فاستشهد وخلفه اخوه بو مزراك بالثورة عام 1389هـ/1871م وفي سنة 1871م حصلت ثورة بزعامة محمد المكراني ولكن ثورته اخضعت بدون رحمة، وفي سنة 1928م تأسست جمعية العلماء المسلمين وقد أسسها الشيخ عبد الحميد ابن باديس خريج جامعة الزيتونة، فبدأت بافتتاح المدارس التي بلغت في حينها حوالي 170 مدرسة ، وكان لابن باديس اثر كبير في المحافظة على الصبغة العربية الاسلامية للجزائر وقويت الحركة عند عودة اثنين من تلاميذها هما الشيخ البشير الابراهيمي والشيخ الطيب العقبي، حتى اعتبرت الباعث لثورة عام 1954م التي حررت الجزائر وفي عام 1364هـ/1945م قامت في انحاء الجزائر مظاهرات كاسحة تطلب جلاء الفرنسيين عن البلاد، فاطلق الفرنسيون النيران على المتظاهرين وقذفوا القنابل من البوارج على القرى الساحلية وقتلوا ما يزيد عن 45 الفاً من الجزائريين ، وفي عام 1371هـ/1951م تأسست جبهة التحرير الوطني الجزائري وفي ايلول سنة 1958م قامت الحكومة الجزائرية المؤقتة بالقاهرة برئاسة فرحات عباس، واعترفت بها الدول العربية وبعض الدول الاخرى ، واستمرت الثورة حتى عام 1382هـ/1962م حيث وقعت اتفاقية على اثر مفاوضات بين الجانبين في مدينة ايفيان الفرنسية ، اعترفت فيها فرنسا بحق الجزائريين في تقرير مصيرهم ووحدة اراضيهم، وتم تشكيل حكومة انتقالية برئاسة عبد الرحمن فارس احد زعماء جبهة التحرير، واجرت استفتاء شعبياً في الاول من تموز 1962 وفيه اعلن الجزائريون قيام جمهورية جزائرية مستقلة، واعلن زعماء جبهة التحرير عن الجزائر دولة اشتراكية والجبهة هي الحزب الوحيد المعترف به، وتم انتخاب احمد بن بلاّ في ايلول 1962م كأول رئيس للجزائر المستقلة، وحكم بن بلاّ لمدة ثلاث سنوات ، حتى قام هواري بو مدين بانقلاب ابيض عليه ووضعه في السجن، واستمر حكم بومدين حتى توفي في 1978م، وخلفه الشاذلي بن جديد، الذي اطلق سراح بن بلاّ عام 1980م، وفي عام 1988م حدثت مواجهات بين متظاهرين وقوات الحكومة، وفي الانتخابات البلدية التي جرت عام 1990م فازت الجبهة الاسلامية للانقاذ بأصوات أعلى من جبهة التحرير الوطني الحاكمة ، وفي الجولة الاولى من الانتخابات عام 1992م، اصبح واضحاً ان الجبهة الاسلامية للانقاذ سوف تحتل اكثرية المقاعد في البرلمان، مما دفع مجموعة العسكريين الى اجبار الرئيس بن جديد على الاستقالة، والغوا الانتخابات، وابقوا البرلمان السابق وعينوا محمد بو ضياف كرئيس للجمهورية، وبعد اغتيال بو ضياف في حزيران 1992م على يد عسكري في الجيش، خلفه علي كافي، وفي كانون ثاني يناير 1994م عين وزير الدفاع اليمين زروال كرئيس للجزائر لمدة ثلاث سنوات ومنذ الغاء الدورة الاولى من الانتخابات عام 1992م بسبب فوز جبهة الانقاذ بالاغلبية فيها، اندلعت حرب اهلية مؤسفة في الجزائر وقد بلغ عدد ضحاياها، حتى نهاية عام 1994م ما لا يقل عن 30 الف قتيل على يد قوات الحكومة او على يد المعارضة ، وبالرغم من مظاهرات المعارضة الا انه اعيد انتخاب زروال في تشرين ثاني (نوفمبر) 1995م، وقد بلغ عدد ضحايا الحرب الاهلية حتى نهاية 1997م اكثر من 65 ألف شخص.
السبت 22 نوفمبر 2008 - 12:08
