الصومال - لمحة تاريخية
عرف المصرييون القدماء بلاد الصومال منذ القدم، وما بين القرنين الثاني والسابع بعد الميلاد وقع جزء من البلاد تحت حكم مملكة الحبشة ولما كانت اراضي الصومال واريتريا والحبشة في العقود الاولى منطقة واحدة فقد دخلها الاسلام في العام الثامن من البعثة 617م عن طريق الصحابة الكرام الذين امرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالهجرة الى تلك البلاد(الحبشة) . ومنذ ذلك الحين بدأت تلك البلاد تنعم بنور الاسلام الحنيف وفي بداية القرن الاول الهجري- السابع الميلادي جاء العرب المسلمون الى البلاد فاتحين ينشرون دين الله بين الناس هناك واستولوا على زيلع وهرر ثم اتسع انتشار الاسلام عن طريق الدعاة والتجار الذين كانوا ينطلقون من اريتريا، وذلك في القرن السادس الهجري وما بعده- الثاني عشر الميلادي وما بعده ففي القرن الخامس الهجري وما بعده- القرن الحادي عشر الميلادي وما بعده قامت في اطراف الحبشة وفي الصومال وفي اريتريا سبع ممالك اسلامية هي : ايغات،دوارو، عربابني ، هادية ، شارخة ، دارا ، بالي وفي عام 571هـ -1175م دخلت في الاسلام قبائل البجة والصومال وزنجبار وسواحل كينيا وفي القرن السابع الهجري-الثالث عشر الميلادي تمكن سلطان زيلع من بسط نفوذه على خليج عدن ومدينة هرر التي صارت في القرن العاشر الهجري-السادس عشر الميلادي عاصمة الامبراطورية عربية اسلامية. اشهر حكامها كان الامام احمد بن ابراهيم الملقب بالغازي، وكان يدعى (جران)-اي الذي يستخدم يده اليسرى بدلاً من اليمنى- وبقي في السلطة من عام 912هـ-1506م حتى عام 950هـ الموافق لعام 1543م، وقد استولى على اجزاء كبيرة من الحبشة وتمكن من دخول(كسلا) في عام942هـ-1535م في أواخر القرن العاشر الهجري- السادس عشر الميلادي هاجرتقبائل عربية مسلمة الى زيلع وكانت تسمى قبائل دير وعيسى وجادا بورسي وقبائل اسحاق واخرى تسمى دارود وقد دخلت الصومال من الشمال وفي عام 1306هـ-1887م أعلنت الحماية البريطانية على الصومال بموجب اتفاق تم توقيعه مع الفرنسيين في اوبوك. وفي عام 1316هـ الموافق 1898م تولت الخارجية البريطانية مهام هذه المنطقة وتسلمتها من مكتب شؤون الهند منذ عام 1318هـ-1900م وحتى 1329هجري الموافق 1920م قام العالم المسلم (محمد بن عبد الله حسن) وهو من قبيلة اوغادين واعلن الجهاد ضد الانجليز طوال عشرين عاماً متصلة،وخلال هذه الحرب مع البطل محمد بن عبد الله حسن تعاون البريطانيون مع الايطاليين والفرنسيين على محاربته جميعاً واتفقوا على توقيع معاهدة سنة 1324هـ-1906م واقتسموا بموجبها اراضي الصومال لكن المجاهدين اجبروا بريطانيا على الانسحاب الى السواحل سنة 1910م .وفي سنة 1331هـ-1913م انتصرالبطل (محمد ابن عبد الله حسن) على القوات البريطانية وانزل هزيمة ساحقة بفرقة الابل التي كان يقودها ريشارد كورفليد الذي لقي مصرعه ومعظم رجالاته في هذه الموقعة وأخيراً اضطر الانجليز الى تاجيل الحرب ضد قوات المجاهد(محمد ابن عبد الله حسن) حتى نهاية الحرب العالمية الاولى وفي عام 1339هـ- 1920م جردت بريطانيا قوات عارمة ضد البطل الصومالي العظيم وبقي يقاتل الأعداء حتى وافته المنية بمرض الحمى في الحبشة سنة 1340هـ-1921م وفي عام 1936م احتلت ايطاليا جزء من أراضي الصومال، وبعد دخولها الحرب العالمية الثانية الى جانب المانيا عام 1940م. دخلت القوات الايطالية المناطق التي تحتلها بريطانيا في الصومال ونجحت في طردها، الا ان الحماية البريطانية على الصومال عادت سنة 1941م وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اضطرت ايطاليا الى التخلي عن المناطق التي تحتلها في افريقيا، وبعدما فشلت القوى العظمى يايجاد اتفاق حول الصومال رفعت القضية الى الامم المتحدة التي وضعت الصومال تحت الوصاية ووكلت الامم المتحدة لايطاليا ادارة شؤون البلاد لمدة عشر سنوات،واستلمت ايطاليا الادارة في نيسان من عام 1950م بدلاً من القوات البريطانية وفي 1تموز 1960م حصلت الصومال على الاستقلال بالاتفاق مع الامم المتحدة وانتخب الرئيس عدن عبد الله عثمان رئيساً للبلاد عام 1960م والذي هزم من قبل رئيس وزرائه عبد الرشيد على شرماركي عام 1967م وفي 15تشرين اول 1969م اغتيل عبد الرشيد وحدث انقلاب قاده الجنرال محمد سياد بري الذي اعلن الصومال دولة اشتراكية عام1970م وقد حدثت مجاعة سنة 1974م-1975م في البلاد في منتصف 1977م بدأ الصوماليون الذين يعيشون في اوجادين وهي جزء من اثيوبيا بدأوا حرب ضد اثيوبيا للحصول على الحكم الذاتي بدعم من الصومال ، ومع نهاية سنة 1977م سيطرت القوات الصومالية الحكومية على غالبية اوجادين، ولكن ما لبثت اثيوبيا وبدعم من الدول العظمى ان استعادت السيطرة على اوجادين عام 1978م مما دفع مليونين من الشعب الى الهروب من الحروب الى داخل الصومال لكن الاحوال لم تستقر في الصومال حيث قامت احزاب عديدة معارضة بمهاجمة نظام بري مع نهاية الثمانينات واشتعلت الحرب الاهلية وأُجبر بريّ على مغادرة العاصمة في شهر كانون ثاني 1991م وخلال العامين اللاحقين قتل حوالي 50 الف شخص وتوفي أكثر من ربع مليون شخص من المجاعة وبسبب الحرب الاهلية التي جعلت من المستحيل نشر المساعدات الغذائية بين السكان وفي كانون اول 1992 اتخذت الامم المتحدة قراراً بارسال قوات دولية مشتركة من العديد من الدول بقيادة الولايات المتحدة الامريكية الى الصومال بعد التوصل الى اتفاق بين القوات المتحاربة الصومالية، الا ان هذا الاتفاق لم يصمد واندلع القتال من جديد ووجدت القوات الدولية نفسها طرفاً في القتال الدائر وازدادت الانتقادات للقوات الدولية مما دفعها الى الانسحاب في شباط سنة 1995م وفي حزيران 1995م، نصب محمد عيديد نفسه رئيساً للبلاد، الامر الذي لم يعترف به منافسوه، وفي القتال الذي دار اواخر 1995م، وبداية سنة 1996م سيطر انصار عيديد على مناطق استراتيجية في الجنوب وعلى اجزاء من مقاديشو، وقد توفي عيديد في تموز 1996م اثر رصاصة اصابته في قتال الشوارع، وقد خلفه ابنه حسين محمد عيديد وقد تم التوصل الى العديد من اتفاقات وقف اطلاق النار ولكن كانت كلها تفشل ومن الجدير بالذكر ان شمال الصومال (الجزء الذي كانت تحتله بريطانيا) قد اعلن استقلاله عند اندلاع الحرب الاهلية عام 1991م، وله رئيس وعملة وبرلمان خاص به، الا ان عدوى الحرب الاهلية انتقلت اليه وتعرض كذلك للعديد من المشاكل الاقتصادية.