اليمن - لمحة تاريخية
ظهرت حضارات كثيرة قبل الاسلام في اليمن، وذلك بسبب وقوع اليمن في موقع استراتيجي مهم للتجارة بين هذه الحضارات والبلدان الاخرى، ومن الحضارات العظيمة مملكة سبأ والتي وجدت في القرن العاشر قبل الميلاد، وحكمتها بلقيس ملكة سبأ وكانت سبأ مشهورة بالزراعة وانظمة الري، وهم من بنى سد مأرب كذلك وجدت في الجنوب والشرق مملكة حضرموت، التي ساهمت في التجارة بشكل واسع، ثم مملكة حمير ونشأت في القرن الاول قبل الميلاد وانتهت في حوالي عام 500 م، وعندما تعاقبت انظمة حكم ضعيفة على اليمن احتلها النصارى الاحباش في القرن الرابع الى بداية القرن السادس الميلادي، ثم احتلها الفرس الساسانيون في نهاية القرن السادس الميلادي وبعد ظهور الاسلام في مكة المكرمة، وفي السنة السابعة من الهجرة /628م وفد اهل اليمن على النبي صلى الله عليه وسلم مع ابي موسى الاشعري في فتح خيبر واعتنقوا الاسلام . ثم قدم صرد بن عبد الله الازدي وذو الكلاع الحميري، وعمرو بن معدي كرب الزبيدي في قبائل اليمن واسلموا ومنهم انتشر الاسلام في اليمن، ثم تعاقب الامويين ثم العباسييون على حكم اليمن وفي عام 278هـ/ 900م انتشر مذهب الزيديين (نسبة الى الامام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب) في اليمن مع بداية القرن السادس عشر الميلادي جاء البرتغاليون للاستيلاء على خطوط تجارة البحر الاحمر بين مصر والهند، فاحتل البرتغاليون جزيرة سقطرة في المحيط الهندي ومن هناك تمكنوا من السيطرة على عدن سنة 1512م ولم يقف المماليك في هذه الفترة مكتوفي الايدي بل جهزوا اسطولاً بحرياً انزلوه الى البحر الاحمر ولكنهم لم يفلحوا في زحزحة البرتغاليين من مواقعهم الحصينة، لكنهم استولوا على صنعاء وفشلوا في السيطرة على عدن وعندما جاء العثمانييون لم يرق لهم ان يبقى البرتغاليون يحاصرون الشواطئ العربية، فاحتلوا عدن عام 1538م، وعندما حاول العثمانيون ضم بقية اليمن ليكملوا حلقة الدفاع في وجه القوى الاجنبية، قاوم الزيديون الجيوش العثمانية ولم يتمكن العثمانيون من احتلال صنعاء الا عام 1551م، الا ان المقاومة اليمنية وان خبت نارها لفترة الا انها كانت تتأجج بين الفينة والأخرى مما جعل تاريخ اليمن اثناء الحكم العثماني مليئا بالثورات والمقاومة المسلحة ثم نافس الهولنديون البرتغاليين في جزر الهند الشرقية، كما نافسهم البريطانيون في السيطرة على المحيط الهندي وطريق رأس الرجاء الصالح، وعندما احتلت قوات محمد علي باشا عسير ومدينتي مخا والحديدة ومنطقة تعز في جنوب اليمن واحتكروا تجارة البن اليمني، ثارت مخاوف انجلترا على مداخل البحر الاحمر، طمعت في احتلال عدن، فاحتلوها عام 1839م وجعلوها مستعمرة لهم، ثم أخذوا ينظرون الى الساحل الجنوبي من اليمن، ولم ينته القرن التاسع عشر الا وكانت منطقة المحميات التسع وحضرموت كلها بيد الانجليز اما في شمال اليمن فقد استطاع القاسم أحد زعماء الشيعة الزيدية ان يطرد الوالي العثماني ويؤسس امارة زيدية سنة 1633م، وظلت الحروب بين الزيدين والعثمانيين تنشب بين فترة واخرى حتى تشرين اول سنة 1911م عندما وقع العثمانيون صلحا مع الامام يحيى يعترفون فيه بالاستقلال الداخلي لليمن، وعندما نشبت الحرب العالمية الاولى وخسر العثمانيون الحرب انسحبوا من شمال اليمن في تشرين الثاني سنة 1918م، وفاز باستقلاله التام، واعترفت تركيا بهذا الاستقلال سنة 1923م واستطاع الامام يحيى ان يجنب اليمن شرور التدخل الاجنبي، وان كان لجأ في ذلك الى الاعتزال باليمن عن تيارات السياسة الاجنبية، واقتباس اساليب الحضارة الحديثة وفي عام 1945م دخلت اليمن الشمالي في منظمة الامم المتحدة، واصبحت عضواً في جامعة الدول العربية في نفس السنة، وقد بقي
الامام يحيى يحكم شمال اليمن حتى اغتيل سنة 1948م، واعلن عبد الله الوزير نفسه اماماً، ولكن الامام احمد تمكن من استرداد عرش ابيه، ثم قام انقلاب فاشل عام 1955م ضد الامام احمد، وحدثت ثورة ضده عام 1962، وتم ابعاد الامام احمد على اثر انقلاب قامت به مجموعة من الضباط القوميين، وقامت الجمهورية العربية اليمنية بقيادة عبد الله السلال، مما ادى الى اندلاع حرب اهلية في الخمس سنوات التي تلت قيام الجمهورية حتى سنة 1967م بين الجمهوريين المتمركزين في المدن والمدعومين من جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر العربية، وبين الملكيين المتمركزين في الجبال والقرى والمدعومين من السعودية . وفي عام 1965 اجتمع الرئيس عبد الناصر والملك فيصل واتفقا على عدم التدخل في شؤون اليمن الشمالي وترك اهل البلاد يقررون حكومتهم، الا ان الحرب لم تتوقف، بل اندلعت عام 1966م في نهاية سنة 1967م تم ابعاد حكومة السلال الذي استبدل بعبد الرحمن الارياني، الا ان القتال لم يتوقف حتى سنة 1970م وفي سنة 1974م حدث انقلاب عسكري أبيض على الارياني بقيادة ابراهيم الحمدي الذي اغتيل عام 1977م، وخلفه احمد حسين الغاشمي الذي قتل في حزيران 1978م . ثم وصل علي عبد الله صالح الى سدة الحكم في شمال اليمن حتى دمجها مع جنوب اليمن عام 1990م اما في جنوب اليمن فقد كان الوضع مختلفا حيث احتلت بريطانيا عدن عام 1839م، ثم امتد نفوذ بريطانيا الى المناطق القريبة من عدن وكانت تسمى المحميات الغربية والمحميات الشرقية، وكانت تخضع كلها للحماية البريطانية بموجب معاهدات عقدتها بريطانيا مع سلاطينها وشيوخها في مناسبات عديدة بعد استيلائها على عدن، ثم كونت عام 1965 اتحاد الجنوب العربي وقد واجهت سياسة بريطانيا الاستعمارية مقاومة عنيفة من اليمنيين خصوصاً في عدن، حتى انسحبت بريطانيا من المنطقة عام 1967م، واصبح اليمن مستقلا تحت اسم
الجمهورية اليمنية الشعبية في تشرين ثاني من نفس العام، واصبحت جبهة التحرير القومية هي الحزب الوحيد واصبح زعيمها قحطان محمد الشعبي رئيسا لليمن الجنوبي، وفي سنة 1969م تم عزل الرئيس واستبدل بسالم علي حتى عام 1978م والذي حكم البلاد ومساعده عبد الفتاح اسماعيل وفقا للمبدأ الماركسي، وفي عام 1970م اصبح اسم البلاد الجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية، وفي عام 1978م تم اعدام الرئيس سالم علي واصبح مساعده عبد الفتاح اسماعيل رئيسا للبلاد الذي استبدل في عام 1980م بعلي ناصر محمد في سنة 1986م اندلعت حرب اهلية بين حكومة اليمن الجنوبي واستمرت 12 يوماً، وتم نفي الرئيس علي ناصر محمد وتم انتخاب حيدر ابو بكر العطاس في تشرين اول اما على صعيد العلاقات بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي فقد نمت بعد عام 1980م، بعد عدة حروب حدودية عامي 1972م و1979م اللتان كانتا تنتهيان بالاتفاق على
توحيد اليمنين، الا ان الاتفاق سرعان ما ينسى اما في عام 1980م فقد تم تعاون اقتصادي بين البلدين، وفي كانون اول (ديسمبر) من عام 1989م اجتمع قادة البلدين التوأمين واتفقوا على توحيد اليمن، وبالفعل تم ذلك في 22 ايار (مايو) 1990م تحت اسم جمهورية اليمن، واصبح علي عبد الله صالح رئيس اليمن الشمالي رئيساً للجمهورية اليمنية، بينما علي سالم البيض اصبح نائباً للرئيس اما رئيس الوزراء فهو حيدر أبو بكر العطاس، اما عاصمة الجمهورية فهي صنعاء وعدن العاصمة الاقتصادية وبعد الانتخابات البرلمانية وفوز حزب الرئيس علي عبد الله صالح بالاغلبية، غضب نائب الرئيس البيض وقام بمغادرة صنعاء والعودة الى عدن في آب (اغسطس) من عام 1993م، وبعد وساطات من بعض الدول تم عقد اتفاق بين الرئيس صالح ونائبه البيض، الا ان اشتباكات اندلعت مباشرة بعد ذلك . وفي شهر نيسان (ابريل) قامت الاردن وعمان بمساعٍ بين الطرفين المتحاربين الا ان
الاشتباكات ازدادت حدة بين شمال وجنوب اليمن حتى وصلت الى حرب اهلية حول صنعاء وعدن، واعلن البيض انسحاب اليمن الجنوبي من الجمهورية اليمنية الموحدة، مما دفع قوات اليمن الشمالي الى زيادة حدة القتال الذي تركز حول عدن والمكلا، وبحلول منتصف شهر تموز خضع جنوب اليمن لسيطرة الرئيس صالح وفي شهر كانون اول(ديسمبر) 1995، قامت اريتريا باحتلال جزيرة حنيش الكبرى اليمنية، الا ان الدولتان اتفقتا بعد ذلك على عرض القضية امام محكّمين.